[center]
الحلم الضائع[/center]
خرجت ذات صباح ، الجو بارد وحزين ،
نسيت أن أستمع إلى نشرة الأحوال الجوية لكن للأسف ،كان قد انقطع التيار الكهربائي
على حييناالبارحة وبتنا على الشموع ، تعودنا على ذلك ، أسير ولا أعبأ بحركة المارة
. أسمع ضوضاء هنا وهناك، تمر الشخوص أمامي لا أكاد أميز أحد أحث الخطى أرجو ألا أتأخر عن موعد الحافلة ، هرولت لما رأيتها تتحرك في اتجاهها ،لوحت بيدي
انتظرني من فضلك .
توقف ويا ليته لم يتوقف لأني جريت حتى خارت قواي ، ركبت ثم سلمت على
الراكبين ويا لسوء الحظ سأكمل المسافة واقفا الأماكن كلها مشغولة، قلت في قرارة
نفسي هذا يوم نحس من بدايته .
سارت الحافلة رويدا رويدا حتى استقرت على سرعتها المعتادة، عمي أحمد يترنح
يمينا وشمالا كأرجوحة الأولاد ، لباسه الأحمر وطاقيته الصوفية المعقوفة وشرابه
المسدول على شفتيه في كبرياء وأنفة كالعادة رائحة دخانه تزكم الأنوف، سألني أين
تذهب اليوم . العمل ولم أعلق، علق قائلا
هكذا ابن أدم في شقاء حتى يوسد في التراب ولاينال الراحة ، قلت عمر الشاقي باقي .
وبعد الكيلومتر الخميسن ، توقفت
الحافلة وهبط شيخ هرم كان جالسا بجانبها، بلباسه الرث والوسخ ،شابة ولا كل النساء ، حباها الله بجمال لم أرى مثله
في الكون ، شابة حركت كياني وأرتعش لها
وجداني ، جلست مكان الشيخ ، صرت أتململ أود جذب انتباهها ، لكن لاتحرك ساكنا ، منهمكة
في قراءة دفترها .
لم أعد قادرا على الصبر أكلم
نفسي هيا كلمها .لا أستطيع ، كلمها ياجبان ، هاهيا الفرصة التي انتظرتها منذ سنين
لاتضيعها ، هي أمامك الآن ، أنت الآن في
الأربعين ماذا تنتظر كلمها ، أغتنم الفرصة
.بدأت أحس بحرارة جسدها ، أه تمنيت لو أضمها وأقبلها ، الكل منهمك ، الآن لا أبالي
بأحد حتى عمي أحمد .
ازداد خفقان قلبي حتى ظننت
أنها تسمعه ، عاد حديث النفس ، كن رجلا ولو مرة في حياتك ، هي تشتهي ذلك ، لما
ترتعد ، اثبت يا رجل هذه ليست معركة .
تشجعت بعد أن حبست أنفاسي وسلمت ، انتبهت إلي وابتسمت ، أحمر وجهي وسرى
الدم في عروقي ، ساد الصمت برهة ، وبعد ذلك قطعت
علي وسوستي وحديث نفسي ، تأدبت في جلستي التي كانت تنم على خوض حرب ، لقد انفتح الباب ،
وتجاذبنا أطراف الحديث ، كانت تكلمني العسل يخرج من شفتيها ، أتلذذ بالاستماع
واستمتع بلقاء عينيها ، وكأنني ولدت من جديد .
ياخسارة قربت محطة التوقف
، أخذت منها رقم الهاتف - ثم نزلنا
وتفرقنا - انتهى كل شئ ، نزلت بي سكينة وأحسست
بأنني طفل في العاشرة حيوية ونشاط ، وأخذت أخطط لموعد سنتفق عليه لما أكلمها ،
دخلت العمل ليس كباقي الأيام ، أحلم وأحلم .
وحين الساعة العاشرة ناداني الحاجب قائلا : المدير يطلب لقاء جميع العاملين،
طرحت علي نفسي وزملائي نفس السؤال هل هناك اجتماع ؟
دخلنا مكتب المدير ، توقفت أنفاسي وشلت حركتي ، وقلت أنت .
قالت نعم أنا المديرة الجديدة للمؤسسة .