خيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمة أولاد دراج * العلـــــمية
خيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمة أولاد دراج * العلـــــمية
خيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمة أولاد دراج * العلـــــمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

خيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمة أولاد دراج * العلـــــمية

المعرفة للجميع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الدراسات اللسانية العربية من الجذور إلى عصر اللسانيات الحديثة تتمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
غيلوس
Admin



عدد المساهمات : 60
نقاط : 147
تاريخ التسجيل : 17/04/2009

الدراسات اللسانية العربية من الجذور إلى عصر اللسانيات الحديثة   تتمة  Empty
مُساهمةموضوع: الدراسات اللسانية العربية من الجذور إلى عصر اللسانيات الحديثة تتمة    الدراسات اللسانية العربية من الجذور إلى عصر اللسانيات الحديثة   تتمة  Icon_minitimeالإثنين مايو 09, 2011 11:10 am

- المستـوى المعجمـي:
يقول ابن جني في مقدمة كتابه ” سر صناعة الإعراب“ : '' أعلم أن (عَ -جَ -مَ) إنما وقعت في كلام العرب للإبهـام و الإخفاء، وضد البيان و الإيضاح من ذلك قولهم: رجل أعجم، امرأة عجماء ، إذا كانا لا يفصحان ولا يبينان كلامهما، والعجمة في اللسان بضم العين لكنة وعدم فصاحة.
إن حركة التأليـف في المعاجم بدأت انطلاقا من رسائل الموضوعات وهي رسائل صغيرة من حيث كم المادة اللغوية التي تتوافر عليها ساهمت في نشأة المعاجم الكبيرة مساهمة فعالة وذلك في النصف الثاني من القرن الثاني للهجري ويطلق عليها معاجم المعاني أو المعاجم المبوّبة، وقد جاءت هذه الرسائل بخاصة مستقلة أو خصصت لها أبواب وفصول في الكتب العامة، وهي عبارة عن معاجـم بنيت على المعاني، و الموضوعات المألوفة، وقد تبلور المعجم الذي نعرفه اليوم على يدي الخليل ابن أحمد الفراهيدي في العين، وتابع بعده التأليف في المعاجم إلى العصر الحديث خلق كثير، وبدت ظاهرة التقليد في صناعة المعاجم جلية واضحة إلى حد بعيد في المنهج وطريقة التبويب والمادة المعجمية نفسها .
وتتجلى وظائف المعجم فيما يلي:
1- شرح الكلمة وبيان معناها أو معانيها عبر العصور.
2- بيان كيفية نطق الكلمة و ضبطها بالشكل.
3- تحديد الوظيفة الصرفية للكلمة.
4- تحديد مكان النبر في الكلمة .
وقد قسمت المعاجم العربية إلى ثلاثة أنواع بالنسبة إلى منهج التبويب، وهي:
أ- نوع رتب الكلمات على حسب مخارج الأصوات وطريقة التقاليب مثل: العين للخليل،و تهذيب اللغة للأزهري والمحكم لابن سيده.
ب- نوع رتب الكلمات ترتيبا أبجديا (حسب الأصل الأول و الأخير للكلمة) مثل: الصحاح للجوهري و لسان العرب لابن منظور...
ج- نوع رتب الكلمات بحسب الموضوعات مثل: الغريب المنصف للقاسم بن سلام، وفقه اللغة للثعابي، و المخصص لابن سيدة
ونختم هذا المبحث بمخطط يلخص أهم المعجمات العربية :
الــمـــعاجـــم

ألفاظ معاني
- العين للخليل
-فقه اللغة للثعالبي
- تهذيب اللغة للأزهري - المخصص لابن سيده
بحسب الترتيب

الصوتي معاجم الترتيب الهجائي



الألفبائي


بحسب أوائل بحسب أواخر
الكلمات الكلمات


- الجمهرة لابن دريد - لسان العرب لابن منظور
- أساس البلاغة للزمخشري - تاريخ اللغة للجوهري



4-المستوى الدلالـي

كانت الدراسة الدلالية من أولى فروع البحث اللساني العربي ظهورا عندما جاءهم الإسلام (القرآن) يتحداهم في بيانه و إعجازه، حاملا في طياته ثورة أدبية، اجتماعية ،وأخلاقية ومعرفية ولغوية فتحداهم في أعز ما يملكون ويتفاخرون، فقامت الدراسات حول هذا الكتاب المعجز، تبحث في دلالات ألفاظه، فتنوعت وتعددت، وكان منها البحث في غريب ألفاظه، وقد تأسست هذه الدراسات على منهج وصفي استقرائي يتتبع اللغة في ألفاظها ومواضعاتها قصد تحديد المعاني و التي يتوقف على فهمها فهم الكتاب ، وتمتد البحوث الدلالية العربية من القــرون الثالـث و الرابع و الخامس الهجرية إلى سائر القرون التالية لها، وهذا التاريخ المبكر إنما يعني نضجا أحرزته اللغة العربية وثقافتها .
وكان البحث في دلالة الكلمات من أهم ما لفت نظر اللغويين العرب وأثار اهتمامهم ، وتعد الأعمال اللغوية المبكرة عند العرب من مباحث علم الدلالة مثل: تسجيل معاني الغريب في القرآن ،و الحديث عن مجاز القرآن، و التأليف في الوجـوه و النظائر في القرآن، و إنتاج المعاجم الموضوعية ومعاجم الألفاظ، وحتى ضبط المصحف بالشكـل يعـد في حقيقتـه عملا دلاليـا لأن تغيير الضبط يؤدي إلى تغيير وظيفة الكلمة، و بالتالي إلى تغيير المعنى .
و تنوعت اهتمامات العرب بعد ذلك فغطت جوانب كثيرة من الدراسة الدلالية ومن ذلك :
1- اهتمامات اللغويين
والتي تمثلت فيما يلي:
- محاولة ابن فارس الرائدة – في معجمه المقاييس – ربط المعاني الجزئية للمادة بمعنى عام يجمعها.
- محاولة الزمخشري – في معجمه أساس البلاغة – التفرقة بين المعاني الحقيقية والمعاني المجازية.
- محاولة ابن جني ربط تقلبات المادة الممكنة بمعنى واحد.
2- إهتمامات الأصوليين وعلماء الكلام و الفلاسفة
و التي تمثلت في :
- عقد الأصوليين أبوابا للدلالات في كتبهم وتناولت موضوعات مثل: دلالة اللفظ، دلالة المنطوق والمفهوم، تقسيم اللفظ من حيث الظهور و الخفاء، العموم والخصوص، التخصيص و التقييد والترادف والتضاد والاشتراك ودلالة التضمن والالتزام والمطابقة.
- دراسات و إشارات كثيرة للمعنى في مؤلفات الفارابي وابن سينا وابن رشد والغزالي والخوارزمي وابن حزم وغيرهم.

3- اهتمامات البلاغيين:
تمثلت في دراسـة الحقيقة و المجاز، وفي دراسة كثير من الأساليب كالأمر و النهي... وفي نظرية النظم للجرجاني التي تعد بؤرة الدرس الدلالي العربي ، بالإضافة إلى عنايتهم الفائقة بالمعنى السياقي وعلاقة المقال بالمقام .
ب-اللسانيات العربية المشكلات والآفاق:

اللسانيات بمعناها العلمي الدقيق لم تدخل العـالم العربي بصفة جدية إلاٌ بعد الأربعينات ، حيث تم إيفاد العديد من الطلبة المصريين وبعض اللغويين العرب للتكوين في هذا العلم بالمدارس الأوربية والأمريكية .
هـذا وقد واجـه البحث اللساني في العالم العربي عددا من العقبات والمشكلات المنهجية عرقلت طريقه ،وحالت دون ظهور بحوث جدّية في هذا الميدان .
وفيما يلي يمكن عرض بعض منها :
1-اللغـة الموصوفـة وأزمة المنهـج :
يمكن أن نقسم هذه المشكلة إلى شطرين هما :
أ-اللغة الموصوفـة :
نقصد بهـا المادة اللغويـة أو المعطيات التي يقوم بوصفها اللساني ، هذه اللغة الموصوفة التي أصبحت تمثل عائقا أمام تطور البحث اللسـاني العربي ، ذلك أن اللسانيين اكتفوا بما أتى به القدماء من معطيات، ولم يحاولوا وصف لغة أخرى بالاعتماد على جرد مواد جديدة انطلاقا من نصوص شفوية أو مكتوبة .
ب-أزمة المنهـج :
نتج هذا المشكل تفريعا عن الإشكال الأول ،فاستعمال المحدثين للمادة اللغوية القديمة نتج عنه في غالب الأحيان استعمالهـم لمناهـج قديمة موروثة نظرا للعلاقة الوطيدة الموجودة بين الأصول التي وضعوها وموارد هذه الأصول .
وعموما يمكن الزعم أن طبيعة اللغة الموصوفة جرٌت جل اللسانيين العرب إلى طرح إشكال المنهج اللائق لمعالجتهـا . لكنهم لم يتوصلوا إلى حل ووقعوا في أزمة منهجية أفسدت عليهم الوصول إلى وصف كاف شاف للغة ،مما نجم عنه تصورات خاطئة لكثير من القضايا النظرية .
2-تحديداللغة العربيـة :
إن اللغة العربية لغة كسائر اللغات الأخرى ، وهي بصفتها ” لغة“ تنتمي إلى مجموعة اللغات الطبيعية ،وتشترك معها في العديـد من الخصائص سـواء من الناحيـة الصوتيـة أو التركيبية أو الدلالية ، وهي بصفتها ” عربية“ لا يعني أنها تنفرد بخصائص لا توجد في لغات أخرى ، بل لا نكاد نجد ظاهرة في اللغة العربية ، إلا ووجدنا مثيلا لها في لغة أو لغات أخرى ، هند أوروبية كانت أو غير هند أوروبية.
3-إدعاء العلمية والمنهجيـة :
تأخذ هذه الظاهرة أشكالا متعددة ، من تصور خاطئ للعلم ، إلى تصور خاطئ للافتراضات العلمية إلى تصور خاطئ لما يعتبر تطبيقا لنظرية ما ... الخ .
ونأخذ كتأكيـد لهذه الإدعاءات العلميـة مثالين ، الأول لتمام حسـان الذي نجده يرفض العلة ، ونظرية العامل ، والإعراب التقديري ، كما يرفض الخروج من شيئ ملاحظ إلى شيئ مجـرد ، بدعوى أن هذه الأشياء في نظره ، ليست من العلـم ، وأن العلم يجب أن يكتفـي بالملاحظـة الخارجيـة ، والتساؤل عن الكيف ، ولا يتعدى ذلك إلى التساؤل عن علة وجود الظاهرة ، يقول في هذا المقام : ” إن المعروف في كل منهج علمي من مناهج البحث في الوقت الحاضر أنه يعنى أولا وأخيرا بالإجابـة عن ” كيف“ تتم هذه الظاهرة أو تلك ، فإذا تعدى هذا النوع من الإجابة إلى محاولة الإجابة عن ” لماذا “ تتـم هذه الظاهرة أو تلك لم يعد هذا منهجا علميا ، بل لا مفر من وصفه بالحدس والتخمين وتفسير الإرادة والبحث عن الحكمة الإلهية في وجود هذه الظواهر“ .
أما المثال الثـاني فلأنيس فريحة ، وهو ينتمي إلى المدرسـة الجديدة (الوصفيـون ) وهؤلاء يحللون اللغة إلى عناصرها كما يحلل الكمائي مادة ما . وهما معا يرفضـان كل تجريـد وكل بنيـة افتراضيـة ، استنباطيـة (Hypothetico-de ductué ,structure) للتوصل إلى ما يتوصلون إليه من نتائج .
4-تصور خاطئ للتراث العربـي :
إن مواجهة الفكر اللغوي القديم بالفكر اللساني المعاصر يؤدي إلى نوع من اللا تاريخية إذ يضطرنا إلى الحكم على فكر نشأ في ظروف معرفية وتكنولوجية معينة بمقاييس عصـر وصل فيه العلم والتكنولوجيا إلى نتائج لم يعد ممكنا معها أن تأخـذ بتحليل القدماء ، بل يمكن فقط أن نستأنـس بها وأن نأخذ بعض الجزئيات فيها ، أو بعض الخطوط العامة ، ولقد رأينا أن عددا من المفاهيـم الوصفيـة عند القدماء (المبتدأ ، الخبر، الجملة الاسمية و النواسخ ...) . لا يمكن الإحتفاظ بها في نموذج لساني حالي (نظرية العامل التي نحتاج إليها في الدرس اللساني الحديث ، ليست هي نظرية العامل عند القدماء) .
ج-اللسانيـات الحديثة (Linguistique) والتفكير اللساني العربي

قد يكون من الصعب تحديد البدايات الأولى لانتقال الفكر اللغوي الحديث إلى ميدان التفكير اللغوي في العالم العربي، ولكن الذي لاشك فيه أن هذه البدايات الأولى ترجع إلى بداية الاتصال بالحضارة الغربية في العصر الحديث. والتي بدأها ” رفاعة الطهطاوي“ الذي أثار في بعض كتبه الاهتمام بدراسـة اللغات و اللغة الفرنسيـة أثناء بعثته هناك،كما ظهرت بعض أفكار الدراسة اللغوية الحديثة في مقالات نشرها المقتطف، وفي كتابات ”جورجي زيدان“ الذي نشر كتابين في اللغة، أحدهما يدعى بـ ” الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية“ (1886) ،والثاني بعنوان ”اللغة العربية كائن حي“ وحاول فيهما عرض آراء علماء اللغة الغربيين عن طبيعة اللغة ووظيفتها وطرق تحليلها و الاستفادة من ذلك في دراسة اللغة العربية ، وكان يعتمد على الترجمة من كتب المستشرقين ، وخاصة الألمان منهم ، ومما اطرٌد عند اللسانيين أن الحضارة العربية لم تفرز في مجال اللسانيات سوى علم تقني منطلقه وغايته نظام اللغة العربية في حد ذاتها لا غير،و الواقع أنه ليس من أمة فكرت في قضايا الظاهرة اللغوية عامة ،وما قد يحركها من نواميس مختلفة إلاٌ وقد انطلقت في بلورة ذلك من النظر في لغتها النوعية، إذا فالقضية مردها إلى قدرة أي أمة على تجاوز ضبط لغتها و تقنينها لإدراك مرتبة التفكير المجرد في شأن الكلام باعتباره ظاهرة بشرية كونية تقتضي الفحص العقلاني بغية الكشف عن نواميسها الموحدة، و الحضارة العربية قد أدركت تلك المرتبة: ففكر أعلامها في اللغة العربية فاستنبطوا منظومتها الكلية ،و حددوا فروع دراستها بتصنيف لعلوم اللغة ،وتبويب لمحاور كل منها وكان من ذلك جميعا تراثهم اللغوي في النحو والصرف و الأصوات والبلاغة والعروض...، ولكنهم تطرقـوا إلى التفكير في الكلام من حيث هو تمثل فردي أوجماعي للسان ، ولئن ورد ذلك جزئـيا في منعطفات علوم اللغة العربية خاصة عندما فلسفوا منشأ نظامها وقواعدها ،ووضعوا علم أصول النحو، فإنهم دونوا ذلك خصوصا في جداول تراثهم الآخر غير اللغوي أساسا ، وما خلفوه لنا في هذا المضمار يكشف لنا بجلاء أنهم ترقوا فـي بحوثهم اللغويـة من مستوى العبارة وهو مستوى اللغة مجسـدة في أنماط من الكلام قد قبلت قبولا، إلى مستوى اللغة ، وهي في مقامهم اللغة العربية ، واللغة مفهوم يعكس الأنظمة المجردة التي تصاغ على منواله العبارة إلى مستوى الكلام أي الحدث اللساني المطلق كونه ظاهرة بشرية عامة ، وبخصوص علاقة المناهج اللسانية الغربية بالبحث اللساني العربي يمكن التطرق إلى مساهمات الفاسي الفهري وتمام حسان ورمضان عبد التواب وعبد الرحمن الحاج صالح ومحمد مفتاح وطه عبد الرحمن وأحمد المتوكل وسعد مصلوح وعبد القادر المهيري وعبد الصبور شاهين و...إلخ .
هذا ولم تلق اللسانيات العربية الرواج الذي تشهده اللسانيات الغربية ، فعلى الرغم من تلك الجهود الفردية القيمة المقدمة من طرف المتخصصين إلا أن هذا العلم مازال مهمشا في المؤسسات التي أوكلت لها مهمة التنمية اللسانية ،والتخطيط اللغوي قصد تلبية حاجات المتعلمين العرب وغيرهم .
تغير النظرة التقليدية للغة :
لم يكن هم علماء العرب القدامى دراسة اللغة في ذاتها و من أجل ذاتها ، و إنما كان همهم دراسة اللغة العربية وحدها بما لها من صلة بالقرآن الكريم فهما و أداء. و معنى هذا أن نظرة العرب إلى اللغة تختلف عن النظرة اللغوية الحديثة في أصولها و أهدافها و للسانيات الحديثة أثر عميق في تغيير نظرتنا إلى اللغة ووظيفتها وأثرها في الفرد. و يمكننا أن نذكر أهم النتائج التي أسفر عنها هذا العلم ، و التي كان لها نصيب في تغيير نظرتنا التقليدية للغة و هي :
1- ليس هناك لغة أفضل من لغة.
2- للغة مجرى تجري فيه حتما.
3- ليس هناك لغة رديئة و أخرى جيدة.
4- لا اعتبار للكتابة و قواعدها في اللسانيات و إنما الاعتبار للفظ .
5- اللغة أكثر من فونيمات.
6- توافق اللغة و الفكر و تفاعلهما .
7- إن الوحدة الكلامية هي التعبير التام .
8- ليس للغة كيان بدون الإنسان.
لقد أثبتت اللسانيات الحديثة عددا من الحقائق صار الكثير منها اليوم من المسلمات التي لا تجادل فدخلت بذلك في حيز البديهيات، و اكتسبت أهميتها لا من أجل صحتها فحسب بل لكثرة ما تفرع عنها من مبادئ جزئية أفاد منها الباحثون في شتى الميادين مما له علاقة بظواهر اللسان و التبليغ سواء كان في المستوى النظري أم التطبيقي، و أكثرها قد تفطن إليها النحاة و اللغويون العرب الأولون ، و سنذكر أهمها :
1 - اللسان هو قبل كل شيء أداة للتبليغ و التخاطب ، فتلك هي وظيفته الأصلية و غيرها من الوظائف فرع عليها.
2- اللسان ظاهرة اجتماعيـة لا فردية و معنى ذلك أن اللسان غير مرتبط بالفرد كفرد بل هو مجموع من الأدلة يتواضع عليها المستعملون.
3- لكل لسان خصائص من حيث الصورة و المادة ، لذلك يختلف النظام الصوتي و الإفرادي و التركيبي من لغة إلى أخرى كما يختلف مضمونها المادي .
4- اللسان في حد ذاته نظام من الأدلة المتواضع عليها و له بذلك بنى و مجار ظاهرة و خفية .
5- للسان منطقـه الخاص به وهو مجموع الأصول و الجذور التي يخضع لها الاستعمال اللغوي السليم. و هي قوانين تجريدية لا عقلية .
6- اللسان وضع و استعمال ثم لفظ و معنى في كل من الوضع و الاستعمال ، و نعني بذلك أن اللغة مجموعة منسجمة من الدوال و المدلولات ذات بنية عامة ثم بنى جزئية تندرج فيها.
7- للبنى اللغويـة مستوى من التحليل غير مستوى الوضع و الاستعمال و الحق أن الوضع اللغوي وضعان اثنان و هما : اصطلاحي و بنيوي فأما الأول فهو جعل اللفظ دليلا على المعنى قصد التواطؤ عليه بين قـوم، أمـا الثاني فهو جعـل الشيء على هيئة مخصوصة سواء كان دليلا على شيء آخر أو لا و يرادفه البناء و التركيب .
عرض لأهم التجارب اللسانية العربية:

يمكننا الانتقال الآن إلى محطة حاسمة في توجيه اللسانيات العربية وجهة البحث اللساني الحديث من خلال مدارسه الكبرى واتجاهاته المتشعبة ،والمميز في هذه المرحلة أن المهتمين بقضايا اللسانيات والنحو واللغة العربية ينتمون إلى توجه مدرسي واحد تقود مدرسة فيرث الإنجليزية، ويمكن الحديث خلال ذلك عن علماء كثيرين درسوا بانجلترا من مصر خصوصا كعبد الرحمن أيوب وتمام حسان وكمال بشر و محمود السعران ...إلخ غير أن جهود هؤلاء لم تكن لتصب في قالب واحد بل اتجه كل باحث إلى موضوع بعينه يدرسه ويتعمقه ،وسنغرض بشكل موجز إلى تجربة كل واحد منهم، وقيمة ما تضمنته أبحاثه في المجال المختار.

1-تجربة إبراهيم أنيس
قد قام هذا الباحث بدور بارز منذ البدء في دراسة العربية بمنظار المفاهيم اللسانية الأوروبية الوصفية منها و التاريخة والتركيز على دراسة البنية الصرفية والتركيبية والدلالية للغة العربية من خلال:
أ-تقويم آراء القدماء في قطاعات اللغة من وجهة نظر اللسانيات في بلاد الغرب ويمكن استكشاف ذلك من خلال الاطلاع على كتابيه الأصوات اللغوية ودلالة الألفاظ وفي اللهجات العربية، وما يمكن الوقوف عليه من أفكار في جهود هذا الباحث يتلخص في
2-اعتباره الدراسة التي قام بها في المستوى الصوتي للغة العربية منتمية إلى علم الفنولوجيا بالرغم من اهماله الواضح لنظرية الفونيم التي تتأسس عليها النظرية الفنولوجية الحديثة
3-غموض المصطلحات التي استعملها في دراسته لاعتماده على مصطلحات تراثية لا تتوافق مع المصطلح الأجنبي كاستعماله على سبيل المثال مصطلحات الساكنconsones /المتحركvoweles .
4-دراسة اللهجات العربية دراسة مستفيضة من حيث مستوياتها اللغوية وانتشارها وتوزيعها وعلاقتها باللهجات الحديثة ومقارنتها بعلم القراءات القرآنية بهدف التعرف على التطورات المهمةو العامة لتطور اللهجات عبر التاريخ بعد ظهور الاسلام.
5-وبالنسبة إلى كتابه دلالة الألفاظ نجده يركز على عرض النظريات الدلالية الحديثة سواء المتقاربة أم المتعارضة ويقرن بينها وبين آراء العرب من فلاسفة و متكلمين وأصوليين ولغويين ولعلى لا أكون مبالغا إذا قلت بأنه اعتمد بشكل كلي كتاب بلومفيلد المشهور اللغة .
وأهم نقطة في الكتاب تقسيمه الدلالة إلى:
صوتية صرفية معجمية الاجتماعية

وقبل مواصلة المسيرة مع علماء أخرين لابد أن ننوه بكتابين آخرين ترجما إلى العربية تلقاهما الباحثون باهتمام كبير في مجال اللغة وحازا في نفوسهم مكانة مرموقة هما:1-منهج البحث في الأدب واللغة للانسون و ماييه (1946) وترجمه محمد مندور ضمن النقد المنهجي عند العرب.والمفيد بالنسبة إلى عرضنا هذا أن نشير إلى أهمية المقالة الثانية من الكتاب والتي تعرف بعلم اللسان وأسس المنهج البنوي وكيفية دراسة اللسان دراسة وصفية بنيوية من خلال دراسة كل مستوى في علاقته بالآخر يمكني أن أقول بنوع من التحرز أن ترجمة هذه الرسالة في هذا التاريخ هو تهيئة ذهنية لمرحلة أخرى أكثر جدية تمثل آراء ومحاضرات سوسير، أما الكتاب الثاني فقد ترجته الأستاذ محمد القصاص وعبد الحميد الدواخيلي ، وهو لفندريس بعنوان اللغة 1950.وبالإضافة إلى تركيز الكتاب على التحليل البنيوي للغة يهتم بموضوعات أخرى تندرج في مايصطلح عليه باللسانيات الموسعة واللسانيات التاريخية .
2-تجربة محمود السعران:
يؤسس لهذه التجربة بكتاب علم اللغة مقدمة للقارئ العربي (1962) ونكتشف موضوعه العام من خلال مقالته :" وأنالم ألتزم في جملة ما عرضت مذهبا بعينه في كل أصوله وفروعه من هذا الدرس اللغوي المتعددة ،بل ركنت إلى التعريف بالأصول العامة التي ارتضيتها والتي قل أن يختلف فيها أهل هذا العلم مع بيان مصادرها ومذاهب أصحابها في معظم الأحوال مع الإشارة في الوقت نفسه إلى الآراء المخالفة الصادرة عن مذاهب أخرى حتى يكون القارئ على بينة من المذاهب اللغوية المختلفة ،وعلى دراية بالفلسفات التي قامت عليها ..." ، وللإشارة يمكن القول أنه كان من أوائل من استعمل مصطلح بنيوية في الفكر اللساني العربي الحديث غير أنه في الدراسة المعتمدة على وجه الخصوص مزج بين اتجاهين متعارضين فتراه يحاول التوفيق بين التحليل الشكلي الذي أرسى دعائمه بلومفيلد في الاتجاه التوزيعي ،وهو اتحاه يقلل إلى حد كبير من أهمية الجانب المعنوي في الوصف النحوي فالوظيفة النحوية للمورفيم محددة في الجملة من خلال توزيعه في أمثالها الأخرى، وبين اتجاه فيرث الذي يربط النحو بالدلالة ،ويخصص في إطار البحث الدلالي مبحثا خاصا يعرف فيه بجهود ميشال بريال وفيرث في دراسة الدلالة اللسانية دراسة علمية .
3-تجربة تمام حسان:
يمكن التمثيل لآراء تمام حسان بكتابه الهم اللغة بين المعيارية والوضعية الذي طبع لأول مرة سنة 1958، وقد تبنى فيه صاحبه وجهة النظر الوصفية لنقد التراث النحوي العربي الذي وسمه بالمعيارية بانقضاء عصر الاستشهاد؛ إذ اكتفى النحويون بدراسة المادة اللغوية القديمة (الفصيحة) دون أدنى محاولة لتجديدها بالاعتماد على اللغة المتطورة .لقد اعتمد تمام حسان في نظريته الوصفية على منهج العلماء الانجليز وفي مقدمتهم فيرث الذي كرس الطابع الاجتماعي للغة، ويربط البنية الشكلية بالدلالة، والسبب الموضوعي لهذا التبني ما يوجد من توافق منهجي بين اللغويين العرب والجرجاني خاصة في نظرية النظم وما تدعو له النظرية السياقية الفيرثية من ضرورة الاهتمام بالسياق اللغوي وسياق الحال لدراسة معنى الكلام المنطوق، وقد حدد تمام حسان مفهوم القاعدة الوصفية بأنها تمثل جهة اشتراك بين حالات الاستعمال الفعلية وليست معيارا جامدا .
وتمثل المعيارية –عنده- الاحتكام للقياس والتعليل عوض الاستئناس بالجانب الاستعمالي الاجتماعي للغة ،والحقيقة أن التعليل اللغوي إنما صدر عن علماء العربية رغبة منهم في تفسير ما قرر عن طريق الوصف ولا مانع في ذلك ، أما في كتابه مناهج البحث في اللغة الذي صدر سنة 1955 -والحقيقة أنه أسبق في التأليف من الأول- قد عرض فيه صاحبه إلى دراسة البنية اللسانية وفق منهج التحليل البنيوي الغربي المطبق –هنا –من طرفه على اللغة العربية الفصحى من خلال عمده إلى التمثيل لكل مستوى من اللغة العربية وتسليط المصطلحات والأدوات الخاصة بالمنهج البنوي في عملية الوصف كالقيم الخلافية والفونيم والوظيفة والتوزيع والعلاقة ،وفي مستوى الدرس النحوي يبنى التحليل العلمي على تصنيف العناصر المكونة لها شكليا ووظيفيا وهو تصنيف براغماتي مبن على الاستقراء بالحس ،ويهتدي بفضل هذه الرؤية الشكلية الوظيفية إلى تقسيم الكلمة في العربية إلى اسم وفعل،و أداة و ضمير وخالفة.
إن المتتبع لما كتبه تمام حسان في هذين الكتابين يكتشف مزجا قام به بين مفاهيم متعددة لنظريات ومدارس متنوعة وربما مختلفة منهجيا ونظريا ، أما كتاب اللغة العربية معناها ومبناها (1973) فقد خصصه لوصف اللغة العربية بالاعتماد على مقولات المنهج البنيوي الحديث ،وقد حاول الباحث فيه إعادة قراءة التراث النحوي في ضوء النظرية السياقية الفيرثية ، والحقيقة أن تمام حسان لم يوضح لنا بشكل مقنع المنوال الفصيح ممثلا فيما قدمه النحاة من وصف في كتب النحو ،ولا شك أن الدارس المتمعن يدرك أن هناك خللا منهجيا وقع في الباحث بخاصة إذا تعمق البحث في خصائص المنهج البنوي وأصوله السوسيرية.
إن مجال هذا الكتاب- كما يقول تمام حسان -هو الفروع المختلفة لدراسة اللغة العربية الفصحى ،ويمثل المعنى فيه أهمية بالغة علما أن من المدارس اللسانية الحديثة من لاتدخل في صلب اهتماماتها الدراسة الدلالية، وتقتصر على وصف الشكل الخالص أو المبنى ويبدو أنه كان متأثرا إلى حد كبير بنظرية فيرث السياقية التي تميز بين المعنى المعجمي والمقامي ، وهذه نظرة تقارب آراء القدماء العرب من مناطقة وأصوليين في دراسة الدلالة اللغوية المفردة أو في سياق ؛يقول تمام حسان : " وحين قال البلاغيون لكل مقام مقال ،ولكل كلمة مع صاحبتها مقام وقعوا على عبارتين من جوامع الكلم يصدقان على دراسة المعنى في كل اللغات لافي العربية الفصحى فقط، وتصلحان للتطبيق في إطار كل الثقافات على السواء ،ولكن كتبهم لم تجد ظروفا مواتية لتذيع وتشتهر كما حدث لرأى مالينوفسكي وهو يصوغ مصطلحه الشهير سياق الحال يعلم أنه مسبوق إلى مفهوم هذا المصطلح بألف سنة أو ما فوقها ،إن اليذين عرفوا هذا المفهوم قبله سجلوه في كتب لهم تحت مصطلح المقام . إن قراءة متمعنة في كتاب اللغة العربية معناها ومبناها يمكن أن يستنتج أن الباحث قد أعاد ترتيب الأفكار اللسانية الكلاسيكية التي تشتت في كتابات القدماء في ضوء المنهج الوصفي ومقولات النظرية السياقية تحديدا في مجال الدلالة ومقولات الفنولوجيا البراغية في مجال الصوتيات .
4-تجربة كمال بشر:
نعرض لبعض آراء كمال بشر اللسانية من خلال كتابه دراسات في علم اللغة الصادر سنة 1969 والذي خصصه للبحث في التفكير اللغوي عند العرب في ضوء علم اللغة الحديث ، والحقيقة أن البحث الذي أسسه كمال بشر ظل متواترا عند نخبة من الباحثين اهتمت رأسا بتأصيل النظريات اللسانية ،والكشف عن جذورها في الفكر اللساني العربي ،ويركز خلال دراسته على ابن جني و السكاكي اللذان يعتبرهما خير ممثل لعلماء العربية نظرية وتطبيقا ومنهجا لإدراكهم طبيعة العلاقات النسقية بين مستويات اللغة الصوتية والصرفية والتركيبة والدلالية، وإن أعاب عليهم بعض الشيء عدم توفيقهم في التطبيق وبالنسبة إلى امكانية التوفيق بين منهج العرب واللسانيات الحديثة يصرح بصعوبة ذلك لعدم تكافؤ الطرفين ثقافيا وعلميا، ويرى في التلفيق بين المنحيين خليطا من التفكير ومزيجا من طرائق البحث أوقعتهم في أخطاء منهجية لا يقرها البحث الحديث ، ومن جهة ثانية يبين كمال بشر الهدف العملي للدراسة اللسانية العربية المرتبطة بالنص القرآني في المرحلة الأولى وبتعليم القواعد النحوية في المرحلة الثانية ،وعليه يتبدد الوهم القائل بإمكانية تطبيق المناهج الحديثة في اللسانيات تطبيقا صارما على النحو العربي لاختلاف الأصول والأدوات بل اختلاف السياق الحضاري كله ،والأنفع بالنسبة إلى الباحثين الكشف عن جوانب النظرية اللسانية العربية لا الادعاء بعدم ارتكاز البحث اللساني على منهج ثابت وواضح.
5-تجربة عبد الرحمن أيوب :
يمثل لهذه التجربة بكتابه دراسات نقدية في النحو العربي الذي طبع سنة 1957 وهو يعبرعن وجهة نظر مؤلفه في نقد الثراث النحوي، والذي يلخصه في كلمة نحو تقليدي قياسا على النحو الحديث الذي تقدمه اللسانيات الوصفية كبديل علمي وموضوعي للسابق ، ويرى الكاتب أن النحو العربي مبني على افتراضات عقلية نظرية يحاول النحويون تعميمها على المادة اللغوية من غير نظر إلى الاستنثناءات على القاعدة ،وهو عكس ما تكرسه النظرية الوصفية التي تستنبط القاعدة من الأمثلة اللغوية، وتأبى أن تفلسف الظاهرة اللسانية كما فعل التقليديون حين تبنوا الفكر الأرسطي، أما البديل الذي يقترحه الباحث فهو تبني منهج التحليل الشكلي الذي تتضمن معالمه وطرقه الإجرائية الوصفية في كتاب زليج هاريس مناهج اللسانيات البنيوية" الذي يوضح فيه كيفية تصنيف الوحدات اللسانية في الجملة على أساس وظيفتها الشكلية ،ويعني هذا الكلام أن شكل اللفظة هو الذي يساعد الدارس على تحديد قسمها الذي تندرج فيه بالإضافة إلى توزيعها داخل الجملة بين الأجزاء المؤلفة الأخرى دون العودة أصلا إلى المعنى .
ويرى الدكتور أيوب أن العرب قد تأثروا بالمنطق الأرسطو في أبواب نحوية كثيرة بل يكادون يكونون تابعين للنحو الإغريقي تماما، ويضرب على ذلك أمثلة منها مشابهة التقسيم الثنائي للجملة إلى مكون اسمي و نحوي والجملة عند أرسطو تتكون من مسند إليه ومسند والحقيقة التي ربما لم يلتفت لها عبد الرحمن أيوب في نعيه على النحاة العرب بناؤهم القواعد النحوية على أسس منطقية أما المقاربة التوليدية الحديثة فقد بنيت على أصول منطقية وعقلية نفسية.
[b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ghilous.hooxs.com
 
الدراسات اللسانية العربية من الجذور إلى عصر اللسانيات الحديثة تتمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الدراسات اللسانية العربية من الجذور إلى عصر اللسانيات الحديثة
» الدراسات اللسانية عند الهنود
» أصــول الشعرية العربية ﴿نظرية حازم القرطاجني في تأصيل الخطاب الشعري﴾ تتمة دراســـــة
» أصــول الشعرية العربية ﴿نظرية حازم القرطاجني في تأصيل الخطاب الشعري﴾ تتمة 2 دراســـــة
» أصــول الشعرية العربية ﴿نظرية حازم القرطاجني في تأصيل الخطاب الشعري﴾ تتمة 3 دراســـــة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
خيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمة أولاد دراج * العلـــــمية  :: لغويات :: لسانيات-
انتقل الى: